recent
أخبار ساخنة

طيار السوخوي 22 يواجه المصير المحتوم.. ماذا فعل المسيطر الجوي لإنقاذه؟

 طيار السوخوي 22 يواجه المصير المحتوم.. ماذا فعل المسيطر الجوي لإنقاذه؟

بقلم: عاطف عبدالكريم.

في عالم الطيران الحربي، تكون الثواني الفاصلة بين الحياة والموت أقصر مما يتخيله الكثيرون. كانت طائرة السوخوي 22 الاستطلاعية تحلق في مهمة سرية، تمسح الأجواء وتجمع المعلومات، عندما واجهت كارثة غير متوقعة كادت أن تودي بحياة الطيار. في تلك اللحظات العصيبة، أصبح الاتصال بمسيطر الرادار هو الأمل الأخير، حيث كان المسيطر الجوي يراقب الموقف بحذر، محاولًا إيجاد حل سريع لإنقاذ الطيار من مصير محتوم.

طيار السوخوي 22 يواجه المصير المحتوم.. ماذا فعل المسيطر الجوي لإنقاذه؟
طيار السوخوي 22 يواجه المصير المحتوم.. ماذا فعل المسيطر الجوي لإنقاذه؟

تسارع الأحداث كان الجو مرعباً ومدى الرؤيا منعدمة، وانخفاض في مستوى الوقود، إشارات إنذار متتالية. كان الطيار يكافح للسيطرة، ولكن كل ثانية كانت تزيد الأمر سوءًا. هنا برز دور المسيطر الجوي، الذي استخدم خبرته وتحليله الدقيق للموقف لإرشاد الطيار عبر تعليمات حاسمة، في محاولة أخيرة لإنقاذه من كارثة محققة.

هل نجح الطيار في النجاة؟ كيف تعاملت القاعدة الجوية مع هذا الموقف الطارئ؟ في هذه القصة المثيرة، سنكشف كواليس اللحظات المصيرية التي كادت أن تجعل هذه المهمة الاستطلاعية آخر رحلة لطيار السوخوي 22!

المهمة الاستطلاعية وبدء الأزمة

يُعد الاستطلاع الجوي أحد أهم العمليات الاستخبارية التي تعتمد عليها الجيوش الحديثة في جمع وتحليل المعلومات بدقة عالية. فهو لا يقتصر على جمع البيانات فحسب، بل يعمل أيضًا على تعزيز المعلومات المتوفرة ومقارنتها مع المصادر الفردية والمخابرات البشرية، مما يسهم في اتخاذ قرارات عسكرية أكثر دقة وفعالية.

خلال الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات، لعب الاستطلاع الجوي دورًا حاسمًا في تحديد مواقع العدو، ورصد تحركاته، وتحديث الخرائط الميدانية بشكل مستمر. كان للطائرات الاستطلاعية دور رئيسي في كشف مواقع الدفاعات الجوية، ومنصات الصواريخ، مما ساعد على تقليل المخاطر التي تواجه المقاتلات أثناء تنفيذ مهامها القتالية.

إضافةً إلى ذلك، مكّن الاستطلاع الجوي من تعزيز الصور الفيلمية والإلكترونية لمواقع العدو، مما ساهم في تحسين خطط الاستهداف وتوجيه الضربات الجوية بدقة أكبر. كما كانت هذه المعلومات ضرورية في حماية القطعات العسكرية العراقية من الكمائن والهجمات المفاجئة.

لقد كان الاستطلاع الجوي جزءًا لا يتجزأ من أدامة زخم المعركة، حيث ساعد القادة العسكريين على التخطيط الاستراتيجي وإدارة ساحة القتال بفاعلية، مما جعله أحد العوامل المهمة في توازن القوى خلال الصراع الطويل بين العراق وإيران.

تفاصيل الرحلة قبل وقوع الخطر.

تم تكليف السرب 109 المجهز بطائرات SU-22، بمهمة استطلاعية جوية لرصد تحركات العدو على طول الحدود العراقية الإيرانية، بهدف تعزيز المعلومات الاستخبارية حول الجبهة. وقع الاختيار على الرائد الطيار عاطف عبدالكريم لتنفيذ هذا الواجب الاستثنائي.

بدأ الطيار استعداداته بدقة متناهية، حيث قام بإعداد الخرائط ومسار الرحلة التي ستتألف من طلعتين جوية تمتد لأكثر من أربع ساعات. انطلق من قاعدة الحرية الجوية كركوك، متجهًا جنوبًا نحو البصرة، ثم واصل شمالًا حتى وصل إلى مدينة كلار، ليعود بعدها إلى قاعدة الرشيد حيث تم انتزاع الفلم من حاوية الاستطلاع لتحليل البيانات في القسم المختص.

بعدها، أقلع الطيار مجددًا بحاوية استطلاعية جديدة، متجهًا نحو شمال العراق، حتى بلغ المثلث الحدودي العراقي التركي الإيراني، ومن ثم عاد إلى مطار الحرية الجوية حيث تم استبدال فلم الحاوية بأخر جديدة. في المرحلة الأخيرة، توجه إلى قاعدة الحرية الجوية ، منهياً بذلك مهمته الاستطلاعية، بانتظار أوامر جديدة.

كانت هذه المهمة حاسمة في جمع المعلومات الاستخبارية، حيث ساهمت البيانات المستخلصة في دعم القرارات العسكرية وتعزيز السيطرة على مسرح العمليات القتالية.

تنفيد الواجب الأستطلاعي

في أحد أيام شهر تموز الحارقة، انطلقت مهمة استطلاعية جوية وسط أجواء صافية ومدى رؤية مثالي. بعد إجراء الفحص الدقيق للطائرة وفق السياقات المعتمدة، تم تشغيل المحركات وطلب الإذن بالإقلاع، لتبدأ المهمة الجوية بالتوجه نحو جنوب البصرة. كانت حاوية الاستطلاع تعمل بدقة متناهية بمحاذاة الحدود العراقية الإيرانية، حيث أن أي خطأ طفيف قد يتسبب في إعادة العمل لساعات إضافية.

واصلت الطائرة التحليق باتجاه النقاط المحددة حتى وصلت إلى مدينة كلار، ومنها اتجهت نحو المقدادية، ثم واصلت المسير جنوبًا باتجاه بغداد للهبوط في مطار الرشيد العسكري. هناك، تم سحب الفلم من حاوية الاستطلاع واستبدالها بأخرى استعدادًا للمهمة الثانية، التي شملت التحليق من كلار نحو المثلث الحدودي العراقي التركي الإيراني.

تم تنفيذ المهمة الأولى بنجاح، وحان وقت العودة إلى مطار الرشيد، لكن عند الاقتراب من المطار، واجه الطيار تحديًا خطيرًا: مدى الرؤية انخفض بشكل كبير، مما جعل عملية الهبوط غاية في الصعوبة. في تلك اللحظات الحرجة، كان لا بد من اتخاذ قرارات حاسمة تعتمد على الخبرة والتوجيهات من المسيطر الجوي، فهل سينجح الطيار في الهبوط الآمن رغم الظروف الصعبة؟

دور المسيطر الجوي في إنقاذ الطيار

عاد الطيار من مهمته الاستطلاعية متجهاً للهبوط في قاعدة الرشيد عبر المدرج 32 من جهة سلمان باك جنوب المطار. ومع اقترابه، واجه مشكلة خطيرة؛ فقد كانت الرؤية منعدمة تمامًا، ولم يتمكن من تمييز المدرج بسبب انعكاس الشمس وقت الغروب، حيث تكون الشمس في اتجاه 310 درجة خلال فصل الصيف، مما شكل حاجزًا بصريًا إضافيًا، زادت حدته بفعل التلوث البيئي، الأدخنة الصادرة عن المصانع، وعوادم السيارات في مدينة بغداد.

أدرك الطيار خطورة الموقف وأبلغ مسيطر برج المراقبة بأنه غير قادر على رؤية المدرج، إضافةً إلى أن مخزون الوقود لديه كان منخفضًا، مما جعل الهبوط السريع أمرًا حتميًا. كانت استجابة المسيطر الجوي سريعة وحاسمة، حيث وجه الطيار إلى الاستمرار في التحليق فوق المطار ثم الدوران إلى ضلع مع الريح، بهدف إعادة التقييم واتخاذ القرار المناسب، مع الاستعداد الكامل للتعامل مع الحالة كطوارئ جوية.

بفضل خبرة الطيار العالية وهدوئه في التعامل مع الأزمات، إلى جانب حكمة المسيطر الجوي في إدارة الموقف، تم اتخاذ القرار الصحيح لإنقاذ الطائرة. عندها، أصدر مسيطر برج المراقبة توجيهًا بتحويل الطيار إلى قناة الرادار لمتابعة إجراءات الهبوط بدقة، مما ساهم في تجنب كارثة محققة.

اللحظات الحاسمة والهبوط الآمن.بواسطة مسيطر الرادار

بعد أن وصل الطيار فوق المطار وقام بالتحويل لقناة رادار القاعدة سمع صوت يعرفه أن صديقه النقيب المسيطر معتمد ياسين المشهود له بالكفاءة هنا تنفس الطيار الصعداء وقام بتنفيذ للإرشادات خطوة بخطوة. إذ قام معتمد بتوجيه الى جهة الجنوب وبارتفاع 500 متر وبعد الابتعاد من المطار 18 كم طلب أنزال العجلات.

عند الوصول الى 20 كم طلب مني الدوران الى اتجاه المدرج والانحدار الى 500 متر نفذت الأمر فكانت المسافة وباتجاه 320 ولمسافة 15 بدأ معتمد بالتوجيه الدقيق وأنا فقط اسمع التوجيهات وكل كيلو متر يعطيني ارتفاعي واتجاهي وأنا عيني على العدادات. لقد كان الحديث سريع جداً حتى أني اسمع تنفس معتمد بين الكلمات. ما طول الوقت بالرغم من قصر المسافة.

عند الوصول الى مسافة ٣ كم طلب معتمد بسؤالي هل تشاهد المدرج أجبت بالنفي . هنا قال استمر الى أن وصلت الى بداية المدرج فقال الان أقفل ضاغطة الوقود أنت فوق المدرج فكانت اللحظة الاخيرة وهبطت بأمان وشكرته على مساعدته لي.

بعد أن تم الهبوط بسلام والتوجة الى ساحة وقوف الطائرات، تم إنتزاع الفلم من حاوية الأستطلاع وأستبدالها بأخرى للواجب جديد، وبعد أملاء الطائرة بالوقود طلبت العودة الى قاعدة الحرية الجوية كركوك أقلعت وهبطت هناك في رحلة بقيت عالقة في الذهن على الرغم من السنين الطويلة.

  اشادة بمواقف المسيطريين الجويين

لقد كان معتمد ياسين مثالًا رائعًا للمسيطر الجوي المحترف، الذي يجمع بين الخبرة، السرعة في اتخاذ القرار، والدقة في التعامل مع المواقف الطارئة. خلال أصعب اللحظات، كان صوته عبر أجهزة الاتصال هو الخيط الرفيع بين الحياة والموت، حيث كان يوجه الطيارين وسط الظروف الجوية الصعبة والمخاطر القتالية، مسخرًا كل معرفته لإنقاذ الأرواح وضمان نجاح المهام الجوية.

لم يكن ذلك الموقف الوحيد، بل تكررت بطولاته خلف الكواليس مرات عديدة، حيث كان عين الطيارين من الأرض، يمنحهم الثقة ويؤمن لهم طريق العودة رغم المخاطر. إن أمثال معتمد ياسين هم الأبطال الصامتون الذين نادرًا ما تُروى قصصهم، ولكنهم كانوا دومًا حجر الأساس في نجاح العمليات الجوية.

إنني اليوم، وبعد هذه السنوات الطويلة، أجد من واجبي أن أوثق هذه البطولات المجهولة، عرفانًا لكل من عمل في غرف السيطرة الجوية، وساهم في حماية سماء الوطن وأبطاله في الجو.

لدروس المستفادة من هذه القصة

تسلط هذه القصة الضوء على أهمية التنسيق والتواصل الفعال بين الطيارين والمسيطرين الجويين في الأوقات الحرجة، حيث يمكن للحظات القليلة أن تكون الفرق بين الحياة والموت. ومن أبرز الدروس المستفادة:

  1. أهمية الهدوء واتخاذ القرار الصحيح: لعب الطيار والمسيطر الجوي دورًا أساسيًا في تجاوز الأزمة، وكان هدوء الأعصاب واتخاذ القرارات الصائبة هو العامل الرئيسي في النجاة من الكارثة المحتملة.

  2. الدور المحوري للمسيطر الجوي: المسيطر الجوي ليس مجرد مراقب، بل هو عنصر أساسي في عمليات الإنقاذ وتوجيه الطائرات، حيث تتطلب مهامه سرعة بديهة، دقة في التحليل، وقدرة على اتخاذ قرارات فورية في المواقف الطارئة.

  3. أهمية التدريب والخبرة: نجاح الطيار في الهبوط الآمن لم يكن صدفة، بل كان نتيجة سنوات من التدريب المكثف والخبرة في التعامل مع الظروف الجوية المعقدة.

  4. أهمية الثقة المتبادلة: لعبت العلاقة بين الطيار والمسيطر الجوي دورًا حاسمًا في تنفيذ التوجيهات بدقة، حيث أن الثقة في إرشادات المسيطر الجوي كانت مفتاح النجاح في هذا الموقف الحرج.

هذه الحادثة تؤكد أن التنسيق والتخطيط الجيد، مع وجود كفاءات مدربة، يمكن أن يصنع الفارق في الأزمات، ويحول المصير المحتوم إلى نهاية ناجحة.

الخاتمةفي عالم الطيران الحربي، تكون القرارات السريعة والحاسمة هي الفارق بين الحياة والموت. حين واجه طيار السوخوي 22 خطرًا حقيقيًا بسبب انعدام الرؤية وقلة الوقود، لم يكن أمامه سوى الاعتماد على خبرته وتوجيهات المسيطر الجوي معتمد ياسين.

بصوت ثابت وقرارات دقيقة، قاد المسيطر الجوي الطيار خلال اللحظات العصيبة، حتى باتت العجلات تلامس أرض المدرج بأمان. كانت تلك اللحظة شهادة حية على أهمية دور المسيطرين الجويين، الذين يعملون بصمت خلف الكواليس، ليكونوا العيون التي تهدي الطيارين إلى بر الأمان. إنهم أبطال مجهولون يستحقون كل التقدير.

❓ الأسئلة الشائعة

المسيطر الجوي يوجه الطيار في الأزمات الجوية، مثل ضعف الرؤية أو نقص الوقود، لتجنب الحوادث وضمان هبوط آمن عبر إعطائه إرشادات دقيقة.
واجه الطيار مشكلة في الرؤية بسبب انعكاس الشمس وقت الغروب عند زاوية 310 درجة، إضافةً إلى التلوث البيئي والدخان الناتج عن عوادم السيارات والمصانع.
باستخدام خبرته، طلب المسيطر الجوي من الطيار تنفيذ مناورات جوية محددة، وتوجيهه عبر الرادار خطوة بخطوة حتى وصل إلى المدرج وتمكن من الهبوط بأمان.
واجه الطيار انخفاض الوقود، انعدام الرؤية، وصعوبة تحديد المدرج، مما شكل تهديدًا لحياته لولا تدخل المسيطر الجوي في اللحظات الحاسمة.
يسبب التلوث البيئي مثل الدخان والانبعاثات الضبابية ضعف الرؤية، مما يجعل عمليات الهبوط أكثر تعقيدًا ويزيد من احتمالية وقوع الحوادث الجوية.
google-playkhamsatmostaqltradent